دور الشباب في نهضة الأمة الإسلامبة

  أيها الشباب أتعرفون أنتم أن دينكم اهتم بكم اهتماما عظيما لا يكاد أن يصاف، فلماذا كل ذلك ؟ لا جواب إلا لأنكم أيها الشباب عماد نهضة هذه الأمة الإسلامية، واسمع إلى قول الإمام الشهيد حسن ألبنا. رحمه الله في رسالته إلى الشباب :

"وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة: الايمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب. لان أساس الايمان القلب الذكي، وأساس الاخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب. ومن هنا كان الشباب قديمآ و حديثأ في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها"إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى "الكهف." 

   و من الأمور المهمة التي عليكم أن تعرفوها، أن الذين يحملون عبء الرسالة وإبلاغها إلى العالمين هم الشباب، ولقد قامت نهضة الإسلام من قبل على أكتافهم وسواعدهم. ولو لاحظنا في تاريخنا االإسلامي لوجدنا نماذجا كثيرة تدل على ذلك، لوجدنا كثيرا من الشباب المتميزين الذين ساهموا في إثراء التاريخ، وكان لهم أثر كبير في نهضة الأمة الإسلامية على مر العصور واختلاف المجالات، فحُق لهم أن يكونوا نماذج حسنة وقدوة صالحة لشباب الأمة في كل العصور.

   ولكم تلك النماذج، ولعل أبرز تلك النماذج هو ذلك الطفل الصغير الذي تربى تربية أبناء الأمراء، ولكن ما لبث إلا أن خطفه الأعداء وبِيع بَيع العبيد، يتناقله تجار الرقيق من بلدة إلى أخرى، حتى انتهى به المقام إلى العيش وسط العبيد، يأكل كما يأكلون ويشرب كما يشربون، ولكن الطفل كان ذا طموح جارف، وثقة بربه، وهدف جليل؛ مما قاده ليكون من أعظم القادة في التاريخ الإسلامي.

   والنموذج الثاني مع طفل أحب العلم والعلماء،كم بحثت أمه له عن علماء يجلس تحت أرجلهم فيتربى بتربيتهم، وينهل من معينهم! فشاء الله وقدر أن يتحقق حلم الأم الحنون، فانتهى الأمر بكونه من أعظم فقهاء المسلمين في التاريخ، وإلى أن تقومالساعة.

   والنموذج الثالث لصبي فَقَد بصره في الخامسة من عمره، فظلت أمه تدعو الله أنيرد إليه بصره، ليس ليكون كبقية الصبيان والأطفال، وإنما ليكون عالمًا متعلمًا، فشاء الله وقدر واستجاب لدعوات أمه، فصار شيخًا للمحدثين في تاريخ الإسلام العظيم.إن هذه اللقطات من حياة هؤلاء العظماء، لهي خير دليل على الهمة العالية التي تمتعوا بها، وذلك الإخلاص الذي تحلوا به.

   فسيف الدين قطز بطل النموذج الأول، توفاه الله وهو دون الأربعين، ولكنه استطاع بهمته وتقواه أن يحقق ما عجز عنه الكثيرون، حتى قال عنهالعز بن عبد السلام: لو قلت ليس هناك من هو أفضل من قطز من زمانعمر بن عبد العزيز لكنت صادقًا. إنهسيف الدين قطز الذي قال قولته الشهيرة:( من للإسلام إن لم نكن نحن)

   أمَّا عن الإمام الشافعي -رحمه الله- بطل النموذج الثاني، فقد كان يكتب على الألواح، ويتنقل بين العلماء بهمة عالية بحثًا عن العلم، وقد حباه الله بإمكانيات هائلة، حتى إنهحفظ الموطأ وهو في العاشرة من عمره، وليس ذلك فحسب بل إنه جلس على كرسيالفتيا وهو في الثانية عشرة من عمره، فانتشر مذهبه وذاع صيته في العالم الإسلامي أجمع، فهو أول من أصَّل علم أصول الفقه.
أما عن البطل صاحب النموذج الثالث، فهو جبل الحفظ وإمام وقته أمير أهل الحديث، الذيلم يشهد تاريخ الإسلام مثله في قوة الحفظ ودقة الرواية والصبر على البحث مع قلة الإمكانات، حتى أصبح منارة في الحديث، وفاق تلامذته وشيوخه على السواء، هو الإمامالبخاري، صاحب أصح كتاب بعد القرآنالكريم، والذي صنفه في ست عشرة سنة، وجعله حجة فيما بينه وبين الله تعالى، فلايكاد يستغني أحد عنه، لقد كان -رحمه الله- يحفظ أكثر من مائة ألف حديث، دوّن منها في صحيحه سبعة آلاف فقط، وكان ذا منهج متميز في تخيُّر أحاديثه وقبولها.

   ولعلنا نقف وقفة ونتساءل: ما الذي جمع بينهذه النماذج؟ ما الذي جمع بين قطز والبخاري والشافعي؟ وما الذي يجمعهم مع غيرهم من أبناء أمتنا على مر التاريخ؟ولعل الإجابة لا يختلف عليها اثنان.. فالذي جمعهم هو سمو الهدف وعظمته، فكلما عظم الهدف عظم العمل، وعظمت النتائج، جمعهم حب العلم، والقراءة المستمرة.إن من أكبر آفات شباب أمتنا الآن أنهم لا يقرءون، ولو قمنا بالبحث عن الأوقات المهدرة في حياة شبابنا لوجدنا الكثير.كثير من الأوقات تضيع أمام التلفاز، والمباريات، فيذهب العمر سُدى.إن مشكلة الكثير من شبابنا الآن أنهم لم يجعلوا القراءة ضمن أولوياتهم؛ فقضية بناء الأمة وعزتها لا بد أن تشغل محور اهتمام الشباب، فعلى أكتاف الشباب سادت الأمة العالم، فأول النجاح الذي ينتظر شباب الإسلام هو تعظيم الهدف.

   ولعل سؤالاً قد يتبادر الآن إلى الأذهان عن(ماهية النجاح): بعض الناس يعتقد أن النجاح تحقيق قدر معين من المال، أو السلطان، أو بتقدم المؤسسات والأنظمة، أو قدر من التفوق العسكري أو الاقتصادي؛ فالهدف الحقيقي الذي يُقدَّر به مقياس النجاح، هو قوله تعالى: } فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ{]آل عمرن: 185[. فالفوز الحقيقي في دخول جنة الرحمن، وهذا الفوز لن يكون إلا بالتوجُّه إلى الله والاعتماد عليه، وطلب النصر منه سبحانه، فما النصر إلا رزقٌ ينزل من عند الله بقدر، وإلا لماذا انتصرخالد بن الوليد في جميع معاركه؟ الإجابة: لأنه متصل بالله، يقف خالد مع رجل من عامة جيشه، فيقول الرجل: ما أكثر الرومان! فيرد عليه خالد: "اصمت يا رجل، بل قُلْ: ما أقل الرومان وما أكثر المسلمين! إنما يُنصر المسلمون بنصر الله لهم، ويهزمون -أي الرومان- بخذلان الله لهم، والله وددت لو أن الأشقر )فرسه( براء من توجيه، وأنهم أضعفوا في العدد".

   إن أهمية مرحلة الشباب تكمن في السؤال عنها مرتين يوم القيامة؛ فعن ابن عمر عن ابن مسعود رضي الله عنهما، عن النبيقال: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس:عن عمره فيم أفناه،وعن شبابه فيم أبلاه،وماله من أين اكتسبه،وفيم أنفقه،وماذا عمل فيما علم".فليعمل الشباب وليجتهدوا، وليشحذوا هممهم؛ فنهضة الأمة لن تقوم إلا على أكتافهم. نسأل الله العافية و السلامة.

المقدم : قسم الاتصالات ووسائل الاعلام لاتحاد حركة الطلبة المسلمين الاندونيسيين

لمن يرغب في تحميل نشرة الصحوة اضغط الرابط الاتي.....
Download Button

Share this

Related Posts

Previous
Next Post »