سم المحبة

          ((يحبهم ويحبونه))ِ
     الحب حرفان حاء وبعدها باء تذوب عند معانيها الأحباء، وإذا قلت : (حب) تسامت الذكريات القديمة، وثارت المعاني الجميلة، وحضرت المواقف المشجية، واستعادت النفس شبابها، والقلب أمله، والروح إشراقها، والنائم انتباهه، والمجلس بهجته.

ما اعظم هذه الكلمة! وما تعريفها؟ الحب شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما أو شيئ ما.
وقيل: الحب قصة طويلة وفصولها الشهداء
وقيل: الحب سر لا يعرفها المحبون
وقيل  الحب جنون لأن المحب لا يدرك الا حالة الحبيب
وقيل : الحب أعمى لان المحب لا يرى إلا صورة الحبيب
وقيل: الحب ليس له التعريف إلا الحب.

     وكل الإنسان يحب، الرجل والمرأة، الصغير والكبير، المؤمن والكافر، هكذا خلق الله الانسان، لأن للإنسان عقل يدرك وقلب يحب وجسم يتحرك. قال علماء النفس: الإنسان الذي لا يجد حاجة إلى أن يحب أو يحب ليس من بني البشر، فكأنما الطائرة إن لم تطر ليست طائرة، سمها ماشئت ليست الطائرة ما لم تطر في الأجواء، قال تعالى: ((زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة)).

      للحب قصة طويلة، بسبب الحب انتحر الرجل، وفعل الفواحش، وسرق هذا، وعق الوالدان، وتخاصم هذان وغيرها كثير، ولاكن ما هو أصدق الحب؟ أصدق الحب هو أن تحب شخصا ما او شيئا ما في الله. ما أجمل هذا الحب إذن، ان تحب أخاك في الله، وأن تحب أموالك في الله، فحبك هذا صار سبيلا إلى رضوان الله وحبه لك. ولأجل هذا فأعظم وأجل كلمة في الحب هو قوله تعالى ((يحبهم ويحبونه)).

     وأما الحب في الإسلام هو أصل من أصول الدين، قال تعالى: ((والذين آمنوا أشد حبا لله))، وقال رسوله -عليه الصلاة والسلام- ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من وولده ووالده والناس أجمعين)). والحب في الإسلام  سببا إلى دخول العبد جنة المعبود، أما علمت أن أحد الأنصار، كان يقرأ (قل هو الله أحد) بتكرار، فسئل عن المقصود، فقال: لأن فيها مدح المعبود، وأنا أحب تلك البنود، فدخل الجنة بالمحبة، لأن الله احبه.

     وكيف إن نحب أخانا في الله؟ فرسول الله -عليه الصلاة والسلام- أرشدنا أن نقول له: أحبك في الله. فحبنا هذا سيكون ظلا لنا يوم لاظل إلا ظله. وحبنا هذا علامة بأننا منه، لأنه لا يحب صالحا إلا الصالح، ولا يحب عالما إلا العالم أو المتعلم وهكذا إلخ.

     وكيف إذا وجدت سارقة قلبك؟ التي بسببها لا تجد طعم الأكل ولا الشرب، والتي تراها في خيالك ونومك، والتي ذكراها في فمك ونجواها في قلبك. إذا أصابك هذا فاعلم أن في قلبك سم الحب، ودواءه ليس عند الطبيب بل هو عند ولي الحبيب. فاذهب إليه وقل له: إنك رأيت زهرة متفتحة في هذا البستان وتريد قطفها، وإذا قبلك فهي قدرك وإن لا فهي قدر غيرك، واعلم أن هناك زهرة أجمل منها وأفضل منها تنتظرك.

     وفي اللغة الجاوية مثل جميل عن أحد طريق نمو الحب "witing tresno jalaran soko kulino" معناه تنمو المحبة من العادة، نعم إذا كان عادتك القراءة ستحب القراءة، وإذا كان كرة القدم ستحبه، وكذلك إذا كانت في بيت جارك زهرة تلفت نظرك إليها فستنمو هي في قلبك، ثم إما أن تسرق قلبك أو سيهرب قلبك منك إليها.

المهم، الحب حبان: حب أرضي طيني سفلي إنما هو  هيام وغرام، وحب علوي سماوي إلهي وهو طاعة وشهادة وعبادة. فاجعل كل حبك لأي شيئ أو أمر هو حبا إلهيا حتى تسلم في الدنيا والآخرة.

     والكلام عن الحب طويل ولا يوجد في القموس مثيل، اللهم اجعلنا ممن يحبك ويحب من يحبك، ليؤنسنا قربك، اللهم ازرع شجرة حبك في قلوبنا لنرى النور في دروبنا، وننجو من ذنوبنا، ونطهر من من عيوبنا.

أخوكم الفقير: جوي القثم
 

Share this

Related Posts

Previous
Next Post »